أبو لهب: العم الذي حارب النور
في زمن البعثة النبوية، برز اسم "أبو لهب" كواحد من أشد المعارضين لرسالة الإسلام، رغم قرابته من النبي محمد ﷺ. فمن هو هذا الرجل، وما قصته التي جعلت ذكراه خالدة في القرآن؟
الهوية واللقب
اسمه الحقيقي عبد العزى بن عبد المطلب، عم النبي محمد ﷺ. لُقِّب بأبي لهب لوجهه المُشرق، لكنه تحوّل – بحسب الروايات – إلى رمز للظلام بعد رفضه الإسلام. فكأن النور الذي حمله تحوّل إلى جحودٍ أطفأ قلبه.
العداء: من القرابة إلى العداوة
لم تمنع صلة الدم أبا لهب من أن يكون أول مَن واجه الدعوة علانية. وعندما نادى النبي ﷺ قريشًا على جبل الصفا، صرخ أبو لهب غاضبًا: "تهلكت يا محمد! ألهذا جمعتنا؟"، ليُردّ عليه بوحيٍ إلهي في سورة "المسد" التي ذمّته وزوجته، وجعلتهما عبرةً للعالمين:
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ... سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}.
زوجته: حمالة الحطب
لم تكن العداوة مُقتصرةً عليه، بل شاركته فيها زوجته أم جميل، التي وُصفت في القرآن بـ**"حَمَّالَةَ الْحَطَبِ"**. كانت تُلقي الأشواك في طريق النبي ﷺ، وتُحرّض القبائل ضده، وكأنها تحمل حطبًا يُلهب نار الكراهية.
النهاية المُرّة: موتٌ بلا عزاء
رغم تحذيرات السورة، استمر أبو لهب في كِبْره. تُروى قصّة موته بأنه أصيب بمرضٍ جلديٍّ مُعدٍ، فابتعد عنه الجميع خوفًا من العدوى. دُفن جسده بدفْعِه بالعصي إلى حفرة، وكأن نار الآخرة بدأت تلاحقه في الدنيا قبل العقوبة الأبدية.
ابنه عتيبة: اللعنة التي تحققت
ورث الابن عتيبة كراهية أبيه، فبلغ به الحقد أن تمَرّغ القرآن بالأذى. دعا عليه النبي ﷺ قائلًا: "اللهم سلّط عليه كلبًا من كلابك". وفي رحلة إلى الشام، هاجمه أسدٌ غامض، تجاوز الحواجز وافترسه أمام مرأى القافلة، كأنما اختاره القدر لينفّذ العدالة الإلهية.
عِبرٌ خالدة
النصر للحق ولو بعد حين: أبو لهب كان ذا جاهٍ وقوة، لكنه سقط أمام كلمةٍ من قرآن.
الظلم سُلم الهلاك: ما أغنى عنه ماله أو ولده حين واجه مصيره المُهين.
العداء للإيمان يُعمي القلب: قرابة الدم لم تُنقذه، بل زادته عذابًا بمعرفته صدق النبي الذي حاربه.
قصة أبي لهب ليست مجرد حدث تاريخي، بل مرآةٌ لكل مَن يُصرّ على الباطل. تُذكّرنا بأن العقاب قد يأتي بصورةٍ غير متوقعة، وأن النصر الإلهي قادمٌ ولو طال الزمن. فهل نعتبر؟ 🌟