بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد، فالأحداث الكونية والظواهر الطبيعية تخضع لإرادة الله تعالى وحكمته، وقد أودع الله في كتابه العزيز آياتٍ تدعو إلى التفكر في ملكوته، مع التحذير من الغلو في التفسيرات التي تبتعد عن المنهج الشرعي. إليك توضيحًا شرعيًّا وعلميًّا لما ذكرته:
1. الزلازل والأعاصير: بين السنن الكونية والإيمان بالقضاء والقدر
المنظور الشرعي: الزلازل من آيات الله التي تُذكِّر بقدرته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر: 41]. وهي قد تكون ابتلاءً أو إنذارًا، كما ورد في الحديث: «إذا ظهرت المعاصي، أذن الله تعالى للأرض أن تنتقم من بني آدم» (رواه الطبراني).
المنظور العلمي: الزلازل ظاهرة جيولوجية ناتجة عن حركة الصفائح التكتونية، وليس هناك دليل علمي قاطع على أنها "مفتعلة". أما الأضواء التي تُرى قبل الزلازل (كالوميض الأزرق) فهي ظاهرة معروفة تسمى "الانكسارات الضوئية" بسبب الضغط الهائل على الصخور.
2. الأجسام الطائرة (اليوفو) والمشاريع السرية: بين الحقيقة والخيال
القرآن والعوالم الأخرى: القرآن يؤكد وجود مخلوقات غير مرئية (كالجن)، لكنه لم يذكر كائنات فضائية. قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ﴾ [الشورى: 29].
مشروع الشعاع الأزرق (Blue Beam): هي نظرية مؤامرة غير مثبتة، تزعم أن الحكومات تستخدم تكنولوجيا متقدمة لخداع البشر. والإسلام يحذر من الانسياق وراء الشائعات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: 6].
3. الأوبئة والأمراض: اختبار إلهي وتحذير من الاعتداء
الوباء في الميزان الشرعي: الأوبئة من قدر الله، وقد تكون عقوبة أو اختبارًا، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا فَشَا الزِّنَا ظَهَرَتِ الْأَمْرَاضُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِكُمْ» (رواه البيهقي).
الأمراض المصنعة: إذا ثبت علميًّا أن بعض الأمراض مُصنَّعة (كالفيروسات المهندسة)، فهذا من الاعتداء الذي حرمه الله: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56].
4. مراحل المخططات المزعومة: التحليل الشرعي
المرحلة الأولى (تشتيت الوعي): الإسلام يحث على طلب العلم والتمييز بين الحق والباطل: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9].
المرحلة الثانية (الزلازل): لا يجوز نسبة الظواهر الطبيعية إلى مؤامرة دون دليل، فالله هو مدبر الكون: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ﴾ [آل عمران: 26].
المرحلة الثالثة (الفضائيون): الإيمان بالغيب لا يتعارض مع العقل، لكن لا نصدق كل ادعاء دون تمحيص.
المرحلة الأخيرة (الدجال): من علامات الساعة الكبرى خروج الدجال، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنته: «مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ» (رواه البخاري).
5. كيف نتعامل مع هذه التحديات؟
التوكل على الله: الثقة بأن الله هو الحافظ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2].
طلب العلم الشرعي والعلمي: لفهم السنن الكونية دون انبهار أو انهزام.
عدم نشر الشائعات: التثبت من المعلومات قبل تداولها.
الدعاء والاستغفار: قال تعالى: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ [هود: 3].
خاتمة: الإيمان نور في زمن الفتن
الكون مسخر بإذن الله، وكل حدث فيه حكمة قد نعلمها أو نجهلها. المهم أن نثبت على الإيمان، ونعمل بقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ [محمد: 19].
اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 🌟