قصة الأراضي السبع العظيمة كما وردت في القرآن الكريم: الحقيقة التي رفضها العلماء وشوَّهتها الأفكار
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ،
الحمدُ للهِ الذي أودعَ في كتابِهِ المُبينِ أسرارَ الكونِ والخلقِ، وجعلَ القرآنَ الكريمَ هُدىً للناسِ وموعظةً لأولي الألبابِ. في هذه السطورِ، نسيرُ معًا في رحلةٍ نحو فهمِ إحدى أعمقِ الإشاراتِ القرآنية، وهي "الأراضي السبع"، كما وردَت في قولهِ تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الطلاق: 12].
ما هي الأراضي السبع؟
حين نتأملُ هذه الآيةَ الكريمة، نجدُ إشارةً واضحةً إلى وجودِ سبعِ أراضٍ، وهو مفهومٌ أدهشَ المفسرين والعلماءَ على مرِّ العصورِ. فهل الأراضي السبعُ تعني الطبقاتِ الجيولوجيةَ للأرض؟ أم أنها تشيرُ إلى عوالمَ مختلفةٍ خُلقت تحتَ قوانينَ إلهيةٍ دقيقة؟
تتعددُ التفسيراتُ حولَ معنى الأراضي السبع، فمن العلماءِ من ذهبَ إلى أنها طبقاتُ الأرضِ المتراكبةُ، ومنهم من أشارَ إلى أنها أراضٍ مختلفةٌ موزعةٌ في الكونِ. لكنَّ الحقيقةَ، وكما سنستعرضُها لاحقًا، أكبرُ من ذلك بكثير.
الأراضي السبع بين التفسير العلمي والروحاني
في العلمِ الحديثِ، يُعرِّفُ الجيولوجيون الأرضَ بأنها مكونةٌ من طبقاتٍ: القشرة، الوشاح، النواة الخارجية، والنواة الداخلية. وقد ظنَّ البعضُ أن الآيةَ تشيرُ إلى هذه الطبقاتِ الجيولوجية. لكن القرآنَ، بلاغةً وإعجازًا، لا يُقيَّدُ بتصورٍ واحدٍ، بل يفتحُ آفاقَ المعاني التي تتجاوزُ ما يمكنُ للعقلِ البشري إدراكُه.
تظهرُ نظريةٌ أخرى تقولُ إن الأراضي السبعَ يمكنُ أن تكونَ إشارةً إلى كواكبَ أو عوالمَ متعددةٍ، خُلقت بإرادةِ اللهِ، وأنَّ بينها نظامًا دقيقًا ينظمُ الأمرَ الإلهيَّ الذي يتنزلُ بينهنَّ.
الحقائق التي رفضها العلماء وشوَّهتها الأفكار
رغمَ هذا التفسيرِ العميق، نجدُ أنَّ بعضَ العلماءِ في عصرِ الحداثةِ حاولوا تجاهلَ المعنى الشاملِ للآيةِ، واقتصروا على ربطِها بما توصلوا إليه من اكتشافاتٍ علميةٍ. كما أنَّ بعضَ الفِكرِ الماديِّ شوهَ المفهومَ، واعتبرَه مجردَ أسطورةٍ لا تنتمي للواقع.
لكنَّ النظرَ في الإعجازِ القرآنيِّ يُثبتُ أنَّ القرآنَ لا يتحدثُ عن مجرَّدِ علومٍ طبيعية، بل عن قوانينَ وجوديةٍ وروحيةٍ عميقةٍ تربطُ بين الأرضِ والسماءِ في وحدةٍ كونيةٍ متكاملةٍ.
التأمل في الأرض والسماوات: منظومة ربانية متكاملة
الأراضي السبعُ، كما تشيرُ بعضُ التفاسيرِ الروحيةِ، ليست فقط عالمَنا المرئيَّ، بل تشملُ عوالمَ أخرى غيرَ مرئيةٍ، قد تكونُ أماكنَ وجودِ أرواحٍ أو عوالمَ تختلفُ تمامًا في قوانينِها الفيزيائيةِ عن عالمِنا. اللهُ سبحانهُ، بعلمِهِ وقدرتِهِ، خلقَ تلكَ العوالمَ لتعملَ بتناغمٍ مع السماواتِ السبعِ.
يقولُ العلماءُ في الفيزياءِ النظريةِ إنَّ الكونَ قد يكونُ متعددَ الأكوانِ، وأنَّ هنالكَ احتمالاتٍ لوجودِ أكوانٍ أخرى تعملُ بقوانينَ مختلفة. وهنا يظهرُ التناسقُ بين هذا الطرحِ العلميِّ والإشارةِ القرآنيةِ إلى الأراضي السبعِ، وهو ما يعززُ الإيمانَ بالإعجازِ الإلهيِّ في القرآن.
الدروس المستفادة من قصة الأراضي السبع
- عظمة الخالق: خلقُ اللهِ للأراضي السبعِ يُبرزُ قدرةَ اللهِ على الإبداعِ والتنوعِ في الخلق.
- وحدة الكون: جميعُ العناصرِ الكونيةِ، من سماواتٍ وأراضٍ، تعملُ بتناغمٍ لا يعلمهُ إلا الله.
- الإيمان بالغيب: الإشارةُ إلى الأراضي السبعِ تذكيرٌ للمؤمنِ بأنَّ هنالكَ حقائقَ تتجاوزُ إدراكَ الإنسانِ المادي.
دعوة للتفكر والإيمان
إخوتي وأخواتي، إنَّ هذه الآيةَ تدعونا إلى التأملِ في قدرةِ اللهِ، الذي جعلَ الكونَ بكلِّ تفاصيلهِ تحتَ حكمتِهِ المطلقةِ. إنَّ معرفتَنا محدودةٌ، ولكنَّ الإيمانَ بالغيبِ يفتحُ لنا آفاقًا لا تنتهي.
في الختامِ، نرجو أن تكونَ رحلتُنا مع قصةِ الأراضي السبعِ قد أضاءت شيئًا من عظمةِ كتابِ اللهِ. إذا أعجبَكم هذا الطرحُ، فلا تنسوا الاشتراكَ في القناةِ، والإعجابَ بالفيديو، ومشاركتَه مع أصدقائكم، لنعملَ معًا على نشرِ الخيرِ والعلمِ. والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ